إعلان الرئيسية

المحرمات من النساء


النساء اللواتي حرمت الشريعة الزواج منهن نوعان: نوع حُرّمْنَ على سبيل التأييد، وهن اللواتي كان تحريمهن بوصف غير قابل للزوال كالأمومة والبنوة، ونوع حُرّمْنَ على سبيل التأقيت، وهن اللواتي حُرّمْنَ بسبب قابل للزوال.


المحرمات على سبيل التأييد:


المحرمات على سبيل التأييد ثلاثة أقسام: محرمات بسبب النسب، ومحرمات بسبب المصاهرة، ومحرمات بسبب الرضاع.

المحرمات بسبب النسب:


يحرم على التأييد بسبب القرابة النسبية تزوج الشخص من:


أ‌- أصله وإن علا.

ب‌- فرعه وإن نزل.

ج- فروع أحد الأبوين أو كليهما وإن نزلوا.

د- الطبقة الأولى من فروع أجداده أو جداته.

والمحرمات المذكورات، وضحها الله عز وجل في قوله تعالى:


﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ﴾ (النساء: 23)

ويدخل في الأمهات النساء لوالدت وأمهاتهن وإن علون، كأم الأم وجداتها، وأم الأب، وقال العلماء في ضابط هذا النوع من المحرمات: " كل امرأة لها عليك ولادة فهي أمك ".


ويدخل في " فرعه وإن نزل " بنات الرجل وبنات بناته، وبنات أبنائه وإن نزلن، وقال العلماء في ضابط هذا النوع من المحرمات: " كل امرأة لك عليها ولادة فهي بنتك ".


ويدخل في " فروع أحد الأبوين كليهما وإن نزلوا " الأخوات سواء كن أخوات شقيقات، أو أخوات لأب، أو أخوات لأم. ويحرم أيضاً بنات إخوته وأخواته وإن نزلن، سواء كان الإخوة والأخوات لأب وأم، أو لأب، أو لأم.


ويدخل في " الطبقة الأولى من فورع أجداده أو جداته " العمات أخوات الأب، سواء كن أخوات الأب من أبيه وأمّه، أو من أبيه، أو من أمّه، ويدخل في العمات اللواتي يحرم الزواج منهم عمات الأب، وعمات الأم، وعمات الأجداد والجدات.


والخالات أخوات الأم محرمات، سواء كن أخواتها من أبيها وأمها، أو من أبيها، أو من أمها، ويدخل في الخالات: خالات الأب، وخالات الأم، وخالات الأجداد والجدات.



المحرمات بطريق المصاهرة:


يحرم على التأييد بسب المصاهرة تزوج الرجل من:


أ‌- زوجة أحد أصوله وإن علوا

ب‌- زوجة أحد فروعه وإن نزلوا

ج- أصول زوجته وإن علون

د- فروع زوجته التي دخل بها وإن نزلن ".

وقد جاء تحريم النساء اللواتي تزوج بهن أحد أصول الزوج، وهم الآباء والأجداد في قوله تعالى:


﴿وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ (النساء: 22)

يقول ابن كثير: " حرم الله تعالى زوجات الأب تكرمة لهم، واعظاماٌ واحتراماً أن توطأ من بعده، حتى انها لتحرم على الابن بمجرد العقد عليها، وهذا امر مجمع عليه ".


وقد وصف الله هذا النوع من الزواج بالفحش والمقت، لعظم إثمه، وشدة بغض الله له، ومقته إياه.

وقوله: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ أي: إلا ما سبق قبل ان تنزل هذه الآية، يقول ابن كثير: " كان اهل الجاهلية يرحمون ما حرم الله إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين ".

وبقية المحرمات المذكورات في المادة الخامسة والعشرين منصوص عليهن في قوله تعالى:

﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ (النساء: 23).


النوع الأول: من المحرمات المنصوص عليهن في هذه الآية أصول زوجته:


 وإن علون، وهنَّ أمهات الزوجات، ويدخل في أمهات الزوجات أمام الزوجة، ومن علا من جداتها.

والنوع الثاني: فروع زوجته إن دخل بها، وهي: 


بنت الزوجة وهي الربيبة، وتشمل أيضاً بنت بنتها وإن نزلت، وجمهور العلماء على ان الربيبة تحرم على زوج أمها، سواءً أكانت في حِجْرِه أم لم تكن، وقوله: ﴿اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم﴾ لا مفهوم له، لأنه خرج مخرج الغالب، فالغالب أن تكون الربيبة في حجرة زوج أمها (1) كقوله تعالى ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ (النور: 33).

فإن الشرط في الآية وهو قوله: ﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ لا مفهوم له.

وقد قوَّى الجمهور مذهبهم بالحديث الذي في الصحيحين، وفيه ان ام حبيبة قالت للرسول ﷺ: " يا رسول الله انكح اختي بنت ابي سفيان ". قال: " أو تحبين ذلك "؟ قالت: " نعم، لست لك بِمُخْلِيةٍ، وأحبُّ من شاركني في خير أختي ".


قال: " فإنَّ ذلك لا يحل لي ".

قالت: " فإن نُحَّدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة ".

قال: " بنت أم سلمة؟! " قالت: " نعم ".

قال: " إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، انها لبنت اخي من الرضاعة، ارضعتني وأبا سلمة ثوبية، فلا تعرضن علىَّ بناتكنَّ ولا أخواتكن "


وفي رواية البخاري: " إني لو لم أتزوج أم سلمة ما حلت لي ".

قال ابن كثير معقباً على الحديث مبيناً وجه الدلالة منه: " جعل المناط في التحريم مجرد تزوج ام سلمة، وحم بالتحريم بذلك، وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة، وجمهور الخلف والسلف ".

متى تحرم بنت الزوجة؟


النص القرآني صريح في ان الربيبة لا تحرم على زوج الأم إلا بعد دخوله بها، فإن لم يدخل بها بأن فارقها قبل الدخول، أو توفيت قبله، جاز له ان ينكح ابنتها ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ (النساء: 23).


وهذا الحكم خاص بالربيبة وحدها، أما العقد على البنت فإنه يحرم الأم دخل بها أو لم يدخل، وقد وضع العلماء ضابطاً يقول: " العقد على البنات يحرم الأمهات، والدخول بالأمهات يحرم البنات ".


النوع الثالث: زوجة أحد فروعه، وإن نزلوا:


وهنَّ حلائل الأولاد الذين من الأصلاب.

أثر وطء المرأة غير الزوجة:


وطء المرأة غير الزوجة يوجب حرمة المصاهرة دون دواعي الوطء " وهذه المادة جديدة، فالرجل إذا عاشر امرأة غير زوجته ووطئها فعند ذلك توجد حرمة المصاهرة، ولا توجد حرمة المصاهرة بالخلوة من غير وطئها، ولا بتقبيلها وغير ذلك من الدواعي التي تسبق الوطء.



المحرمات بطريق الرضاع:


 تعريف الرضاع وذكر أدلة تحريمه:


" الرضاع: اسم لمص الثدي وشرب اللبن من ثدي آدمية في زمن مخصوص، وقد كانت حرمته في الجاهلية منتشرة بينهم، مرعية عندهم ".


وقد أرضعت الرسول ﷺ حليمة السعدية من بني سعيد بن بكر من قبيلة هوازن، وقد عرف الرسول ﷺ لأمه واخته من الرضاع حقهما، بل كان رضاعه في تلك القبيلة سبباً لإطلاق اسراهم الذين أسروا في غزوة حنين.


وقد نص الله في كتابه على حرمة الأمهات والأخوات من الرضاع في قوله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ﴾ (النساء: 23).


وقد أجمع أهل العلم على حرمة الأمهات والأخوات من الرضاعة المذكورات في الآية، وقد قصر داود الظاهري التحريم من الرضاع عليهم لأنه المنصوص عليه.


وذهب أهل العلم غير داود إلى انه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، احتجاجاً بما روته عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: " يحرم من الرضاعة ما يحرم الولادة " رواه البخاري.


وروى احمد في مسنده، والترمذي في سنته عن علي بن ابي طالب أن رسول الله ﷺ قال: " إن الله حرّم من الرضاعة ما حرّم من النسب ".


وقد حكى ابن قدامة الإجماع على تحريم الأم من الرضاع، وأمهاتها وبناتها وعماتها وخالاتها وفي ذلك يقول: " الأمهات والأخوات – أي: من الرضاع – منصوص عليهن، والباقيات يدخلن في عموم لفظ سائر المحرمات، ولا نعلم في هذا خلافاً ". وصنيع ابن قدامة في حكايته الإجماع يدل على عدم اعتباره خلاف داود.


والأم من الرضاعة: المرأة التي أرضعتك وأمها وجداتها وان علت درجتهن، والأخت من الرضاعة: كل امرأة ارضعتك أمها، او ارضعتها أمك، او ارضعتك وإياها امرأة واحدة، أو ارتضعت وإياها من لبن رجل واحد.


 التحريم بلبن الفحل:



يقول ابن قدامة في تعريف لبن الفحل المحرم: " لبن الفحل ان المرأة إذا أرضعت طفلاً بلبن ثاب من وطء رجل، حرم الطفل على الرجل وأقاربه، كما يحرم ولده من النسب، لأن اللبن من الرجل كما هو من المرأة، فيصير الطفل ولداٌ للرجل، والرجل أباه، وأولاد الرجل إخوته، سواء كانوا من تلك المرأة او من غيرها، وإخوة الرجل وأخواته أعمام الرجل وعماته، وآباؤه، وأمهاته أجداده وجداته ".


وجمهور اهل العلم على ان لبن الفحل محرم، وقد احتجوا بالحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عائشة قالت: جاء عمي من الرّضاعة، فاستأذن عليَّ، فأبيت أن آذن له حتى أسأل رسول الله ﷺ فجاء رسول الله ﷺ فقال: " إنّه عمك فأذني له ".


فقلت: يا رسول الله، إنما أرضعتني المرأة، ولم يرضعني الرجل، فقال رسول ﷺ: " إنّه عمك فليلج عليك ". وذلك بعدما ضرب علينا الحجاب.


والحديث في غاية الصراحة في الدلالة على ان شقيق زوج المرأة التي أرضعت عائشة عم من الرضاع، كالعم من النسب.

حكمة التحريم بالرضاع:


التحريم بالرضع لا يوجد إلا عند المسلمين، وقد اشارت بعض النصوص إلى حكمته، فالحليب للطفل في مدة الرضاع هو الذي ينبت اللحم وينشز العظم، فحليب المرضعة هو الذي بنى الطفل وكوَّنه، وكوفئت المرضعة بأن جعلت أمّاً، ووسع الإرضاع دائرة العلاقة بين أفراد المجتمع، أفراداً أو أسراً، وشجع النساء على الإقبال على الإرضاع، فبعض الناس قد يعتبر الإرضاع مهنة دنيئة، فجعلها الإسلامية مرتبة عالية.

وقت الرضاع وعدد الرضعات وصفة الرضعة التي تحتسب:


الرضاع المحرم هو ما كان في العامين الأولين، وأن يبلغ خمس رضعات متفرقات، بترك الرضيع الرضاعة في كلَّ منها من تلقاء نفسه دون أن يعود إليها، قلَّ مقدارها أو كثر.


وقد اتفق أهل العلم – كما يقول ابن رشد – على ان الرضاع يحرم في الحولين، واختلفوا في رضاع الكبير.

وسبب اختلافهم تعارض الآثـــــار في هــذه المســألــة، وذلـك انـــه ورد فـي المسألة حديـثــان، أحدهما حديث سالم مولى أبي حذيفة، حيث امر الرسول ﷺ امرأة أبي حذيفة سهلة بنت سهيل بأن تسقيه من حليبها لتحرم عليه، وكان كبيراً بالغاً، والحديث الآخر المعارض له حديث عائشة الذي اخرجه البخاري ومسلم قالت: دخل رسول الله وعندي رجل، فاشتدَّ ذلك عليه، ورأيت الغضب في وجهه، فقلت: يا رسول الله، إنه أخي من الرضاعة، فقال ﷺ: " انظرن مَنْ إخوانكن من الرضاعة، فإن الرضاعة من المجاعة "


ووجه الاستدلال بالحديث ان بعض النساء قد يرضعن من كان عمره فوق العامين لكونه جائعاً، فلا تعد الرضاعة في هذه الحالة محرمة.

قال ابن رشد: " فمن ذهب إلى ترجيح هذا الحديث قال: لا يحرم اللبن الذي لا يقوم للِمُرْضَع مقام الغذاء ".

وهناك حديث آخر رواه الترمذي صريح في أن الرضاع المحرم هو ما كان في العامين الأولين من عمر الطفل، أمَا الرضاع الذي وراء ذلك فلا أثر له في التحريم، وهو حديث سلمة قالت: قال النبي ﷺ: " لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام ".


والذين ذهبوا هذا المذهب قالوا: إن حديث سالم نازلة عين، وكان سائر أزواج النبي ﷺ يرون ذلك رخصة لسالم.

- العدد المحرم من الرضاع: 


أن يبلغ خمس رضعات متفرقات.

وقد اختلف اهل العلم في عدد الرضعات المحرمة على ثلاثة أقوال:


الأول: أن التحريم يتم بأقل عدد، فكل ما سمي رضاعاً فهو محرم لقوله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ (1) (النساء: 23).

الثاني: القدر المحرم ثلاث رضعا، واحتج القائلون بهذا القول، بقوله ﷺ: " لا تحرم المصة ولا المصتان " وفي رواية " لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان، والمصة والمصتان " وفي لفظ " لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان ". وهذه الأحاديث عزاها ابن كثير إلى مسلم في صحيحه، ودلالة هذه الأحاديث انه إذا كانت الرضعة او الرضعتان ليس فيها تحريم، فهذا يدل على ان الثلاث رضعات تحرّم، وعزا ابن كثير هذا القول إلى علي، وعائشة وسليمان بين يسار، وغيرهم.


الثالث: العدد المحرم خمس رضعات، لما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة: " أنه كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات يحرمن، ثمَّ نسخ بخمس معلومات يحرمن ".


والقول الثالث هو الصواب إن شاء الله تعالى، ففي قوله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ (النساء: 23).

مقيد بحديث عائشة المصرّح بأن المحرم خمس رضعات، ومفهوم المخالفة في الأحاديث التي اخبرت انه لا يحرم المصة والمصتان والرضعة والرضعتان، لا يقوى على معارضة منطوق الحديث المصرح بأن المحرم خمس رضعات معلومات يحمن.


- صفة الرضعة التي تحتسب من الرضعات المحرمة: 


صفة الرضعة التي تعدُّ من الرضعات المحرمة أن يبلغ خمس رضعات متفرقات، يترك الرضيع الرضاعة في كلًّ منها من تلقاء نفسه، دون أن يعود اليها، قلًّ مقدارها أو كثر، فإن رضع قليلاً ورفع رأسه، ورفض الرجوع بنفسه، فهي أيضاً رضعة أما إذا رفع رأسه بغير مراده، كأن تمنعه أُمه من إتمام الرضاع، فهو ليس برضعة.

المحرمات على سبيل التأقيت:


يحرم بصورة مؤقتة ما يلي:


أ- زواج المسلم بامرأة غير كتابية

ب- زواج المسلمة بغير المسلم

ج- زواج المرتد عن الإسلام او المرتدة ولوكان الطرف الآخر غير مسلم.

د- زوجة الغير أو معتدته.

هـ - الجمع ولو في العدة من طلاق رجعي بين امرأتين لو فرضت أي منهما ذكراً لحرم عليه التزوج بالأخرى.

و- الجمع بين أكثر من أربع زوجات أو معتدات من طلاق رجعي.

ز- تزوج الرجل امرأة طلقت منه طلاقاً بائناً ببينونة كبرى إلا بعد انقضاء عدتها من زوج آخر دخل بها دخولاٌ حقيقياً في زواج صحيح

ح- الزواج ممن لاعنها إلا إذا أكذب نفسه وتحقق القاضي من ذلك ".

زواج المسلم بامرأة غير مسلمة أو كتابية:


لم يأذن الله للمسلم الزوج من مشركة إلا الكتابية، ولا للمسلمة الزواج من مشرك بأي حال من الأحوال، قال تعالى مبيناً الحكم والحكمة في ذلك:

﴿وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّـهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (البقرة: 221).


وقد جمعت الأمة الإسلامية على حرمة الزواج من اهل الشرك غير اهل الكتاب، واتفق اهل العلم على جواز نكاح المسلم من المرأة الكتابية، يهودية كانت او نصرانية، ولم يخالف في هذا إلا عبدالله بن عمر محتجاً بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ﴾ (البقرة: 221).


والصواب من القول ان هذا النصَّ عامٌّ، والنصُّ الذي أباح الزواج من نساء اهل الكتاب وهو قوله:


﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ (المائدة: 5) خاص، وقد تقرر عند اهل العلم ان العام والخاص إذا تعارضا قدم الخاص على العام.

وقد اتفق اهل العلم على حرمة تزوج المسلمة من كتابي، لعدم ورود نص يستثنى احداً من الكفار في حق المرأة المسلمة، فبقى قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ﴾ (البقرة: 221) على عمومه، ويؤكد العموم والتحريم قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّـهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ (الممتحنة: 10).


وإنما أجازت الشريعة التزوج من الكتابية دون المشركة، لأن اهل الكتاب وان كانوا مشركين الا ان عندهم من الدين ما يعرفون به شيئاً عن الايمان، وهم يفرقون بين شيء من الحلال والحرام، واهل الشركة لا يوجد عندهم شيء من ذلك، وعلى ذلك فإن التنافر بين المسلم والبوذية وغيرها من الوثنيات شديد، لا يمكن ان تقوم حياة زوجية سويَّة بين زوجين بينهما مثل هذا التنافر.


وأجاز الشارع تزوج المسلم من الكتابية، ولم يجز تزوج المسلمة من كتابي، لأن المسلم يؤمن بجميع الرسل الذين ارسلهم الله، وجميع الكتب التي انزلها، أمَا أهل الكتاب فلا يؤمنون برسولنا ولا بكتابنا، وبذلك فإن دين الكتابية الأصلي قبل تحريفه محترم، وكتابها ورسولها محل احترام المسلم، أم الكتابي فإنَّه لا يحترم شيئاً من ذلك في حال تزوجه من مسلمة، أضف إلى هذا ان الإسلام يأبى ان يعلو اهل الكفر على اهل الإسلام، والحياة الزوجية تقضي أن يكون للزوج القوامة على زوجه مما يعني ان يعلو الكافر على المسلمة.


تزويج المرتد والزواج من مرتدة:


يحرم زواج المرتد عن الإسلام أو المرتدة، ولو كان الطرف الآخر غير مسلم، لأن المرتد في الحقيقة كافر، وكذلك المرتدة، وكما منعت هذه الفقرة من المادة السابعة والعشرين زواج المسلم أو المسلمة من المرتد أو المرتدة، فإنها منعت غيرهما من الزواج منهما.


ولا يجوز التزوج من امرأة مرتدة ولو كانت ردتها إلى النصرانية أو اليهودية، لأنَّ المترد لا يجوز إقراره على ردته، ويجب معاقبته، على خلاف بين اهل العلم في عقوبة المرتدة اهو القتل أم الحبس.


فإذا ارتد أحد الزوجين المسلمين فسخ النكاح، وإذا أسلم أحد الزوجين الكتابيين، فإن كان المسلم هو الرجل صح له إمساك زوجته، وإن كانت المرأة فسخ زواجها، إذا لم يسلم زجها في عدتها.


 تزوج المرأة المتزوجة أو المنعقدة:


يحرم الزواج من زوجة الغير أو معتدته، وقد ذكر الله هذا النوع في قوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ (النساء: 24)

والمحصنات هنَّ المتزوجات. قال ابن كثير: " وحرم عليكم الأجنبيات المحصنات، وهن المزوجات إلا ما ملكت أيمانكم، يعني إلا ما ملكتموهن بالسبي، فإنه يحل لكم وطؤهن إذا استبرأتموهن ".


وجاء تحريم العقد على المرأة المعتدة في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ (البقرة: 235)، وبلوغ الكتاب أجله: انقضاء العدة.


الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها:


ويشمل هذا النوع حرمة الجمع بين الاختين، وحرمة الجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، ولو كان في طلاق رجعي، كأن يطلق امرأة طلقة أولى او طلقة ثانية، ثم يتزوج عمتها او خالتها، فإنَّ ذلك لا يحلُّ له، والذي يظهر من نصَّ المادة انه لا حرج عليه في الزواج من عمتها او خالتها، إذا طلقها ثلاثاً، لأنها بائن بينونة كبرى.


وقد جاء تحريم الجمع بين الأختين في قوله تعالى: ﴿وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ (النساء: 23)
وقد كان اهل الجاهلية يجمعون بين الأختين، كما كان الرجل يتزوج امرأة أبيه بعد وفاته، وكل ذلك جاء القرآن بتحريمه.


وحرمة الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها جاء في صحيح السنة، ففي السنن للترمذي وابي داود والدارمي والنسائي عن ابي هريرة " ان رسول الله ﷺ نهى ان تنكح المرأة على عمتها، او العمة على بنت أخيها، والمرأة على خالتها، أو الخالة على بنت أختها، لا تنكح الصغرى على الكبرى، ولا الكبرى على الصغرى".

فيمنع الجمع بين المرأة وعمات آبائهم وخالاتهم، وعمات أمهاتها وخالاتهم، وإن علت درجتهن من نسب كان ذلك أو رضاع.

والقول بتحريم الجمع بين الأختين من الرضاع، أو الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها من الرضاع قول مجمع عليه، يقول ابن قدامة: " قال ابن المنذر: اجمع اهل العلم على القول به، وليس فيه بحمد الله اختلاف، إلا ان بعض اهل البدع ممن لا تعدُّ مخالفته خلافاً، وهم الرافضة، والخوارج، لم يحرموا ذلك، ولم يقولوا بالسنة الثابتة ".


وإذا عقد الرجل عقدين في وقت واحد على أختين او امرأة وعمتها او امرأة وخالتها بطل العقدان، فإن عقد على واحدة بعد الأخرى بطل العقد الثاني دون الأول.

وقد حّرم الله الجمع بين من حرم الجمع بينهن، لأن ذلك يؤدي إلى قطيعة الرحم القريبة، لما في الطباع من التنافس والغيرة بين الضرائر.

الجمع بين أكثر من أربع زوجات او معتدات من طلاق رجعي:


قد اباح الله – تعالى – للرجل ان يتزوج أربع زوجات، فإنه لا يجوز له ان يجمع بين أربع معتدات من طلاق رجعي، وقد اتفق المسلمون – كما يقول ابن رشد.

على جواز التزوج من أربع من النساء معاً، وأما فوق الأربع فالجمهور على انه لا يجوز الخامسة لقوله تعالى: ﴿فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ (النساء: 2) ودلالة هذه الآية على عدم جواز الزيادة على أربع – كما يقول ابن كثير – ان المقام مقام امتنان وإباحة، فلو كان يجوز الجمع بين أكثر منن اربع لذكره.

وما ذكره ابن رشد من نسبة القول بالاقتصار على أربع إلى الجمهور غير مُسلَّم، بل هو إجماع عن اهل السنّة، والذين اجازوا الزيادة على أربع طائفة من الشيعة لا يؤبه لخلافهم.


يقول ابن قدامة: " اجمع اهل العلم على انه ليس للحر ان يجمع بين أكثر من أربع زوجات، ولا نعلم احداً خالفه إلا شيئاً حكي عن القاسم بين إبراهيم أنه أباح تسعاً ".

تزوج من طلقها ثلاثاً حتى تنكح زوجاً غيره:


لا يصح تزوج الرجل امرأة طلقت من طلاقاً بائناً ببينونة كبرى إلا بعد انقضاء عدتها من زوج اخر، دخل بها دخولاً حقيقياً في زواج صحيح.

وقد جاء تحريم المطلقة ثلاثاً صريحاً في القرآن العظيم، في قوله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ (البقرة: 229)، ثم قال في الآية التالية لها: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ (البقرة: 230).

فالمرأتان المذكورتان في الآية الأولى هما اللتان يجوز للمطلق أن يراجع فيهما زوجته في عدتها من غير عقد ولا مهر، كما يجوز إعادتها بعد خروجها من العدة بعقد جديد، أما الطلقة المنصوص عليها في الآية الثانية هي الطلقة الثالثة، وهي التي لا يجوز لزوجها إعادتها، لا في عدتها، ولا بعد انقضائها، حتى تنكح زوجاً آخر نكاحاً صحيحاً، ثم يطلقها بعد ذلك، ثم تنتهي عدتها منه، فيجوز للأول إعادتها.

الزواج ممن لاعنها إلا إذا أكذب نفسه:


والملاعنة ان يرمي الزوج زوجته بالزنا، ولم يكن له من يشهد على ما رماها به إلا نفسه، فإنه لا يقام عليه حدُّ القذف بالزنا، بل يلاعن بينه وبين زوجته، فيشهد عليها أربع شهادات بالله أنه لصادق فيما رماها به، ويشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ويدراً عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به، ثم تشهد الخامسة بالله أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.

والآيات التي فصلت حكم الملاعنة وردت في سورة النور وهي (الآيات: 4-10).

وقد روى مسلم في صحيحه {الحديث رقم: 1494} عن عبدالله بن عمرو قصة المتلاعنين، وذكر في آخر الحديث: " أن الرسول ﷺ فرَّ بينهما " وفي صحيحي البخاري ومسلم عن سهل بن سعد أن عويمراً عندما لاعن زوجته قال: " يا رسول الله، إن حبستها نفقد ظلمتها، فطلقها فكانت سنّة لمن بعدهما في المتلاعنين " {البخاري: 4745، ومسلم: 1492}

والقول بجواز رجوع الملاعن من ملاعنته بعد إجرائها فيه نظر، والله اعلم بالصواب.

نكاح الزانية، والمحرمة بحج أو عمرة:


لم يتم ذكر حالتين أخرين يحرم الزواج فيهما على سبيل التأقيت وهما:


الأولى: زواج المسلم من المرأة الزانية حتى تتوب:


 قال تعالى: ﴿الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ (النور: 3) وهذا هو المذهب عند الحنابلة.

والثانية: نكاح المرأة المحرمة بحج وعمرة:


والصحيح من القول انه لا يجوز تزوجها حتى تقضي عمرتها أو حجها.

شكل يوضح بالتفصيل المُبسط "المحرمات من النساء ": 



ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

أهلا ً ومرحبا ً بكم في | مجتمعيات | تسعدنا أرائكم ومشاركتكم معنا دائما ً ، فلتشاركونا بأرائكم التي تتزين بها | مجتمعبات |