إعلان الرئيسية

أهلاً ومرحباً بكم زوار ومتابعي مجمعيات الكرام في كل مكان
في موضوع جديد يجمعنا، وموضوعنا اليوم هو

مظاهرات فرنسا (السترات الصفراء) 2018


حينما ننظر إلى الأحداث والثورات التي نعيشُها ونشهدها ونسمع عنها في كل مكان، تترسخ في عقولنا فكرة الحرية بالفطرة، الحرية الصحيحة، التي لا مزيدات عليها ولا سلبيات في أهدافها الحقيقية وليست المزيفة، فالثورات دائماً ما تحدث بسبب احتقان شعبي يشعر به الجميع وأثَّر عليه في كل شيء يعيشُه، في كل أمور الحياة الهامة التي لا غِنى عنها إطلاقاً، والتي تندرج تحت مُسمى (الحياة الكريمة) لا أكثر من ذلك.

فدائماً ما تكون الأسباب الرئيسية للثورات هي شعور عام يجتاح الجميع بالاحتياج والنقص والغلاء في كل متطلبات الحياة الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها من مأكل، ومشرب، وملبس، ومسكن، وتعليم، وصحة، وبيئة نظيفة يعمُها العدل والعدالة الاجتماعية، بيئة خالية من الفساد وعدم المساواة والتفرقة بين الناس على حسب مكانتهم الاجتماعية أو مستواهم المادي.

تلك هي أهم الأسباب التي دائماً ما تكون شرارة تُشعِل الثورات، تلك الشرارة التي يُمكن أن تظل سنين حتى تشتعل بها نار الثورات، ولا يهتم لها الحُكام والرؤساء، رغم أنهم يرونها بأعينهم تكبر شيئاً فشيء حتى تسحقهم.

وعندما أفكر في هذا الأمر، تُثيراني الدهشة، فكيف للحاكم الذي يعاني شعبه دائماً جراء سياساته وقراراته، رغم رؤيته ومعرفته بما يحدث مع الناس وما يشعرون به من احتقان وغضب وسخط، وما يعانونه ويعانون منه، أن يَصمُت ولا يفعل شيء، أو يقدم حلول تُريح الناس من مشكلاتهم ومعاناتهم، بل العكس هو ما يحدث، فيزيد في معاناة الناس وغضبهم، ويتمادى في قراراته وسياساته حتى يحدث ما لا يُحمد عُقباه وينتهي الأمر بصورة مرعبة بالنسبة إليه كحاكم.

عندما ننظر إلى المظاهرات الفرنسية في نهاية هذا العام 2018 نجد انها دليل على أن الثورات الشعبية هي ثورات الحرية بالفطرة رغم اختلاف الجنسيات والبلاد، فتلك الحرية التي وُلد بها الإنسان، الحرية في التعبير عن المعاناة التي يعيشها، ومتطلبات الحياة التي يحتاجها، والتي يطالب بها المسئولين عن توفير تلك المتطلبات والاحتياجات في متناول يده، فالغلاء يتسبب في موجة عارمة من غضب الشعوب سواء كانت شعوباً عربية أو أجنبية، فكُلُنا بشر نجتمع على بعض الثوابت التي لا يمكن الاختلاف عليها ومن أهم تلك الثوابت (الحياة الكريمة) التي تحفظ كرامة الإنسان وتضمن له العدالة الاجتماعية، وتوفير احتياجاته الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها.



فرنسا وحركة السترات الصفراء



رغم أن فرنسا هي إحدى الأعضاء المؤسسين للاتحاد الأوروبي والدولة الأكبر في المساحة بين دول الاتحاد الأوروبي، كما أنها عضو مؤسس للأمم المتحدة وهي إحدى الأعضاء الدائمين الخمسة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، كما أنها إحدى الدول الثمانية المقرة بالقوى النووية، وهي أغني دول أوروبا ورابع أغنى دول العالم من حيث إجمالي ثروات الأسر الفرنسية، كما انها سادس أكبر دولة من حيث الإنفاق العسكري، وثاني أكبر سلك دبلوماسي، وثاني أكبر اقتصاد في أوروبا والخامس على مستوى العالم من حيث إجمالي الناتج المحلي، كما انها ثالث أكبر مخزون للأسلحة النووية.

الا انه قد اتضح أن الشعب الفرنسي يُعاني مثل بقية الشعوب التي لطالما وجدت الحياة التي تعيشُها لا تخلو من المعاناة، ولذلك ظهرت حركة احتجاجات (السُترات الصفراء)

ففي دول الغرب نجد أيضاً أن هناك معاناة يعيشُها مواطني وشعوب تلك الدول، بالتأكيد ليس كالدول العربية، فالدول العربية تعاني معاناة أشد لا يمكن أن تتحملها شعوب الدول الغربية، ولكن لا يُمكن نُكران أن العالم لا يخلو من المعاناة، ولكن تختلف حدة المعاناة من دولة إلى أخرى على حسب الحرية التي تتوفر وعلى حسب ثقافة الشعوب وعلى حسب ضمير الحاكم والمسئولين.

وقد اختارت حركة الاحتجاجات والتظاهرات الفرنسية المعروفة بحركة (السُترات الصفراء) ارتداء السترات الصفراء كرمز مميز لها، فالقانون الفرنسي يفرض منذ عام 2008 على سائقي السيارات حمل سُترات صفراء معهم داخل سياراتهم عند القيادة كإجراء وقائي في حالة اضطرار السائق الخروج من السيارة لسببٍ ما، فيقوم بارتداء السترة الصفراء حتى يظهر بوضوح للعيان.

وبذلك أصبحت السترات الصفراء رمزاً لحركة الاحتجاجات هذه، حيث أن بداية تلك الاحتجاجات كانت من أجل ارتفاع أسعار الوقود ثم تطورت لتشمل مطالب أخرى لا غنى عنها.



بداية احتجاجات السترات الصفراء وأسبابها



بدأت الاحتجاجات والتظاهرات المعروفة باسم (السترات الصفراء) في 17 نوفمبر 2018 وانتشرت في أنحاء فرنسا، وقد بلغ عدد المتظاهرين من أصحاب السترات الصفراء حوالي 66 ألف متظاهر، كما ذكرت وزارة الداخلية الفرنسية، وتم نشر نحو 69 ألف من أفراد الشرطة الفرنسية لتأمين الاحتجاجات واحتواء العنف، وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على مجموعات صغيرة من المحتجين خلال بعض الاشتباكات، وقد تم اعتقال حوالي 170 متظاهر على جراء اشتباكات واعمال عنف مع قوات الأمن الفرنسية.

وقد خرجت تلك التظاهرات والاحتجاجات اعتراضاً منهم على الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة، وزيادة الضرائب على الوقود، ورفع الحد الأدنى للأجور، ثم امتدت وتطورت تلك الاحتجاجات والتظاهرات فاعترضت على السياسات الاقتصادية والاجتماعية للرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون).



تأثير حركة السترات الصفراء والتظاهرات الفرنسية


 

كان لتلك الاحتجاجات والتظاهرات تأثير كبير، فقد تنازلت الحكومة الفرنسية بشكل نهائي عن خطة زيادة الضرائب على المحروقات

وقد دعا الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) إلى عودة الهدوء مرة أخرى إلى فرنسا، ووعد برفع الحد الأدنى للأجور، وخفض الضرائب على المعاشات، بحوافز مالية لذوي الدخل المحدود خلال العام المقبل 2019، وعلى الرغم من ذلك مازال ذوي السترات الصفراء متمسكين بالخروج إلى الشارع للاحتجاج على سوء الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعانون منه.

ورغم مقتل أربعة أشخاص في ستراسبورغ جراء إطلاق النار في سوق لهدايا عيد الميلاد، ودعوة الحكومة وعدة نقابات وعدد من السياسيين المعارضين لعدم الخروج إلى الشوارع، ألا ان المتظاهرين خرجوا إلى الشوارع يوم السبت الذي يخرجون فيه من كل أسبوع للتعبير عن غضبهم وللمطالبة بالتغيير والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، مستمرين في هذه الاحتجاجات حتى يروا ما يُوعدون به على أرض الواقع، ليست مجرد وعود فقط.

هذا ما يحدث عندما يُغلق الحاكم عينيه وأذنيه، فلا يرى ولا يسمع ما يعانيه شعبه من مشكلات، هذا ما يحدث عندما يظن الحاكم أنه أعلى من الناس التي يتولى حُكم بلادهم، ويتغاضى عن متطلباتهم، بل ويُنفذ قرارات تقصف بهم وبحياتهم وتؤثر سلباً على معيشتهم فيعانون كثيراً، ومن معاناتهم يتولد داخلهم غضباٌ عارم لا يُمكن مواجهته بل ينحني أمامه كل من تسبب فيه.


وأخيراً ندعو الله تعالى أن تنتهي الصراعات والحروب التي عمت وتفشت في وطننا العربي، وأن يعُمه السلام والرخاء.
وفي النهاية نتمنى لكم دوام الخير والسعادة في حياتكم
وإلى اللقاء في موضوع جديد يجمعنا على خير إن شاء
الله
تعليق واحد
إرسال تعليق

أهلا ً ومرحبا ً بكم في | مجتمعيات | تسعدنا أرائكم ومشاركتكم معنا دائما ً ، فلتشاركونا بأرائكم التي تتزين بها | مجتمعبات |

  1. هل أنت في حاجة إلى قروض عاجلة؟ نحن نقدم القروض لجميع أنواع القروض للأفراد المحتملين ، والشركة ، وهيئات التعاون ، فضلا عن المنظمات. هل أنت في حاجة إلى قروض مسجلة ومعتمدة؟ إذا كانت مهتمة ، تصل إلينا عبر البريد: specializeloanservicing@gmail.com

    ردحذف